ثم يقول: "فنقول: بعدما استقرت الشريعة، وثبتت العبادة بالأحكام، وأن الإمام إمام في جميع الأمور، وهو الحاكم الحاسم لرد النزاع، ومتولي الحكم في سائر الدين، والقائم مقام النبي، وفرعه وخليفته وحجته في الشرع، فلابد من أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً له في الصفات الكمالية، وعالماً بجميع الأحكام" إذاً لا يمكن أن يكون الإمام إماماً في نظرهم إلا أن يكون موصوفاً بصفات النبي، وشبيهاً به في كل كمالاته، وعالماً بجميع الأحكام، ومعصوماً عن الخطأ في السهو والعمد. يقول: "وأيضاً: إن أحد ما احتيج فيه إلى الإمام: كونه مبيناً للشرع، وكاشفاً عن ملتبس الدين وغامضه، فلابد من أن يكون في ضروب العلم كاملاً غير مفتقر إلى غيره، فولاة أمر الله خزنة علمه وعيبة وحيه، وألا يتطرق التبديل والتغيير في دين الله" ثم يأتي بكلام رئيسهم فيقول: "ولذا صرح الشيخ الرئيس في آخر الشفاء ... إلخ" فهو يستدل بكلام ابن سينا .
ثم يقول في فصل يتحدث فيه عن الخليفة والإمام: "إن الإمام مستقل بالسياسية، وأنه أصيل العقل، حاصل عنده الأخلاق الشريفة: من الشجاعة، والعفة، وحسن التدبير، وأنه عارف بالشريعة، حتى لا أعرف منه" أي: حتى لا يوجد أحد أعرف منه، ثم يقول موضحاً أنه لابد أن يكون الإمام معصوماً عن الذنوب: "إنه لو كان الإمام عاصياً عن أمر الله تعالى، ومذنباً سواء كانت الذنوب صغيرة أو كبيرة، فنقول أولاً: إنه لما كانت العلة المحوجة إلى الإمام هي رد الظالم عن ظلمه، والانتصاف للمظلوم منه، وحمل الرعية على ما فيه مصالحهم، وردعهم عما فيه مفاسدهم، ونظم الشمل، وجمع الكلمة، فلو كان مذنباً مخطئاً لاحتاج إلى آخر يردعه عن ظلمه، وأيضاً فإن الإمام لما كان قدوة في الدين والدنيا، مفترض الطاعة من الله، ولو ارتكب المعصية، يتضاد التكليف على الأمة، فإن اتبعته الأمة اتبعته في المعصية، فعصوا الله، وإن خالفوه فيها فعاصية أيضاً" يعني: إذا ما أعطيناه صفات النبوة، وأنه لابد أن يتبع؛ فلابد أن يكون معصوماً.